في خطوة أثارت استياء كبيرًا بين الجماهير المغربية، قررت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تفويت عملية بيع تذاكر مباريات المنتخب الوطني إلى منصة أجنبية، وهو ما اعتبره الكثيرون بمثابة التفريط في السيادة الرقمية للمغرب، بالإضافة إلى تهديد لحماية البيانات الشخصية للمواطنين. كما اعتُبر القرار إهدارًا لدعم الاستثمار والمشاريع المغربية التي تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني والرقمنة.
وتمثل السيادة الرقمية قدرة الدولة على التحكم في بيانات مواطنيها، خاصة تلك المتعلقة بالأنشطة الحساسة مثل بيع تذاكر المباريات. ومع قرار الجامعة بتفويت هذه العملية إلى منصة خارجية، يثار تساؤل حول مدى احترام هذا المبدأ. وكيف يمكن تسليم بيانات الجماهير المغربية إلى منصة أجنبية ما قد يعرضها للاستغلال التجاري، خصوصًا في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن حماية البيانات الشخصية.
القرار لا يقتصر فقط على تهديد الأمن الرقمي، بل يتعدى ذلك ليشمل خسائر اقتصادية كبيرة. كان بإمكان المنصات المغربية المتخصصة في بيع التذاكر مثل guichet.ma وticket.ma وevents.ma الاستفادة من هذه الفرصة لتعزيز استثماراتها وتوسيع نطاق أعمالها، وهو ما يعكس تفريطًا في دعم المشاريع الوطنية التي تساهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي. خاصة أن إحدى هذه المنصات قد استثمرت في إفريقيا وكسبت ثقة دول مثل كوت ديفوار والسنغال وغيرها، مما يعكس قدرة هذه الشركات على التوسع والابتكار في أسواق خارجية. وقد كان من الممكن أن يساهم قرار دعم هذه المنصات في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز البنية التحتية الرقمية المغربية، بدلاً من إهدار هذه الفرص.
يضاف إلى هذا القرار قضية سونارجيس، التي تدير منصة Tadakir.net، والتي تواصل تدخلها في اختيارات الأندية المغربية لمنصات بيع التذاكر. وقد تجلى ذلك بشكل واضح عندما رفضت سونارجيس السماح لمسؤولي حسنية أكادير بالتعاقد مع منصة وطنية، وقررت بيع تذاكر مباريات الفريق عبر منصتها الخاصة. اليوم، ورغم الاستثمارات والتمويل الذي تعرفه الشركة، فإنها تقف مكتوفة اليدين أمام تعاقد الجامعة مع شركة أجنبية، مما يطرح تساؤلات حول قدرتها على التكيف مع تحولات السوق، ودورها في تعزيز الابتكار والتطوير في قطاع بيع التذاكر الإلكترونية بالمغرب.
في ظل هذه التحديات، تبرز أهمية وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في توجيه السياسات الرقمية بالمغرب. حيث تسعى الوزيرة أمل الفلاح السغروشني إلى تعزيز الرقمنة المحلية ودعم الشركات الوطنية في قطاع التكنولوجيا. ومع تزايد المنافسة من الشركات الأجنبية، تبرز الحاجة لإصدار معايير واضحة توجه الجامعات والمؤسسات الوطنية للتعاقد مع الشركات المحلية، مما يعزز السيادة الرقمية وحماية البيانات الشخصية.و من الضروري أيضًا دعم الشركات الوطنية من خلال تسهيل الوصول إلى التمويل والدعم الفني، وتوفير بيئة تشريعية مرنة، مما يساهم في تسريع نمو هذه الشركات ويحقق توازنًا بين الأمن السيبراني والتنافسية.
وفي ظل الاستعدادات الكبرى لتنظيم كأس أمم إفريقيا 2025 ومونديال 2030، يبقى من الضروري أن تعيد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم النظر في هذا القرار. بحيث يتعين على الجامعة أن تضع حماية البيانات الوطنية ودعم المنصات الرقمية المحلية في أولوياتها، وهو ما يسهم في تعزيز سيادة المغرب الرقمية وحماية مصالح المواطنين في المستقبل.