
لابد في البداية ان اطلعكم بصفتي كاتب هذه المادة بمختلف الزوايا التحليلية التي اخترتها لتحرير هاته الفقرات حيث سأنطلق من تحليل سيكولوجية “العميل الإعلامي” من خلال دراسة العوامل النفسية والاجتماعية التي تجعل أفرادا مثل هشام جرندو عرضة للاستقطاب من قبل الأنظمة المعادية، كما ستكون هناك إشارات غير مباشرة عن دور الاقتصاد السياسي في تمويل الإرهاب الإعلامي من خلال تتبع التدفقات المالية بين المؤسسات الجزائرية والمنصات العدائية باستخدام تقنيات البلوكتشين، ففي ظل التنافس الجيوسياسي بين المملكة المغربية ودولة الجزائر، برزت ظاهرة توظيف الأفراد والكيانات الهامشية لتحقيق أهداف سياسية تمسّ بسيادة الدول واستقرارها، وتُعتبر قضية هشام جرندو، المسؤول الرئيسي عن قناة “تحدي” والمتهم بالفرار من العدالة المغربية، نموذجاً صارخاً لاستغلال الأنظمة الخارجية لـ”المرتزقة الإعلاميين” لنشر الفوضى وضرب الوحدة الوطنية، وقد قررت صياغة هذه المادة الاعلامية بغية تحليل الأبعاد السياسية والقانونية والأخلاقية لظاهرة توظيف الجزائر لشخصيات مثل جرندو، وآثارها على الأمن والاستقرار المغربي…
1- الصراع الجيوسياسي وأدوات الحرب الجزائرية الهجينة
تشهد المنطقة المغاربية تنافسا تاريخيا بين المملكة المغربية ودولة الجزائر، تحوّل في السنوات الأخيرة إلى حرب هجينة من قِبل عسكر الجزائر الذي يعتمد على الأدوات الإعلامية والاقتصادية غير القانونية لكونها تستخدم الشخصيات ذات الخلفيات الإجرامية كأدوات لتنفيذ أجندات معادية، حيث تُوظف دولة الجزائر أفرادا مثل هشام جرندو وغيره لخلق حالة من عدم الاستقرار عبر:
– التشهير بالمؤسسات السيادية: كالهجمات المتكررة على القضاء المغربي والمديرية العامة للأمن الوطني والقوات المسلحة الملكية…
– زعزعة الوحدة الترابية: عبر تشكيكه في شرعية مغربية الصحراء.
– استهداف النسيج الاجتماعي: عبر الخوض في أعراض الشخصيات السامية والعمومية ونشر الإشاعات.
2. هشام جرندو… دراسة حالة لـ”العميل الإعلامي”
أ. الخلفية الإجرامية والهروب من المحاسبة:
باتباع نهج قناة “تحدي”، تجاوز جرندو حدود النقد المشروع إلى ارتكاب جرائم التشهير والابتزاز، وفقا لترسانة قانون المحاكم المغربية، فراره إلى كندا لا يُعتبر هروباً من العدالة فحسب، بل تحوّله إلى أداة في يد النظام الجزائري الذي يُموّل حملاته مقابل خدمة أجندات معادية للمملكة المغربية.
ب. التمويل الجزائري وآلية العمل:
تشير تقارير استخباراتية إلى تورط أجهزة جزائرية في تمويل جرندو عبر قنوات غير مباشرة، ومنها المباشرة أيضا التي قد تكون مرتبطة بجهات نافذة داخل المكتب الرئاسي الجزائري او مجلس الأمن الوطني. هذه التمويلات او الاعتمادات المشبوهة، التي يُفترض أن تُوجّه لتنمية الشعب الجزائري، تُصرَف في حملات إعلامية تسعى لإضعاف المملكة المغربية.
ج. شبكة الدعم الداخلي:
لا يمكن لجرندو تنفيذ عملياته دون وجود شبكة محلية تُسهّل جمع المعلومات وتوزيع المضامين. التحقيقات كشفت تعاون بعض الأفراد ذوي الروابط العائلية أو المصلحية معه، مما يستدعي تطبيق القانون بحزم ضد كل ما من شانه الإخلال بالأمن والنظام العام بدون استثناءات.
3. التداعيات القانونية والأخلاقية:
أ. انتهاك حقوق الإنسان تحت غطاء “حرية التعبير”:
إذا كانت حرية الرأي حقا إنسانيا، فإن جرندو يستغل هذه الحماية لارتكاب جرائم التشهير، مما يفرض على المجتمع الدولي إعادة تعريف الحدود بين النقد المسؤول والتحريض على الكراهية.
ب. تحديات الملاحقة القضائية عبر الحدود:
يستفيد جرندو من ثغرات النظام القانوني الكندي، الذي يُصعب تسليم المطلوبين للعدالة في حالات “الجرائم السياسية” وهنا، يتوجب على المملكة المغربية تعزيز التعاون القضائي الدولي وتسليط الضوء على الطبيعة الإجرامية (غير السياسية) لقضاياه.
ج. اختبار ولاء النخب المحلية:
تثير قضية هشام جرندو تساؤلات حول دور بعض الجمعيات الحقوقية المغربية التي تتستر على جرائمه بحجة “حرية الإعلام”، بينما تتغاضى عن انتهاكاته الفاضحة، هذا التناقض يُضعف مصداقية هذه الجهات ويُظهر تواطؤا مع أجندات خارجية، لذلك من الواجب على الجهات المسؤولة توضيح الفرق بين النقد المسؤول والجريمة الإلكترونية، مع تسريع إجراءات التقاضي ضد الخارجين على القانون علاوة على الكشف عن الآليات التي تستخدمها دولة الجزائر لاستقطاب الضعفاء وتجنيدهم عبر الإغراءات المادية…
فقضية هشام جرندو ليست مجرد حالة فردية، بل جزء من استراتيجية جزائرية ممنهجة لاستنزاف المملكة المغربية، فالمواجهة الفعالة تتطلب نهجا شاملا يجمع بين الحزم الأمني والحوار المجتمعي والدبلوماسية الذكية، فالمملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، قادرة على تحويل هذا التحدي إلى فرصة لتجديد الولاء الوطني وفضح الأعداء الحقيقيين للاستقرار الوطني والإقليمي.