هل تحتاج المملكة المغربية نموذج “ماسك” لقيادة الإصلاح وفق حكامة البيانات والتحليل التراكمي الذكي؟
في عصر تتسارع فيه التحولات التكنولوجية وتتعقد فيه التحديات الاقتصادية والإدارية، يبرز سؤال جوهري، هل ينبغي لرؤساء الدول أن يمتلكوا “عصا سحرية” على شاكلة إيلون ماسك، قادرة على كشف الخلل وإعادة هندسة الأنظمة والسياسات بجرأة؟ السؤال ليس افتراضياً بقدر ما هو واقعي، خاصة مع صعود نماذج قيادية شابة تعتمد على علوم البيانات والتكنولوجيا المتطورة لقياس النجاعة ومواجهة الفساد، والمملكة المغربية، كدولة رائدة في مجال احتضانها لمراكز التفكير في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، فهي بذلك تقدم نموذجاا ملهما لهذا النهج.
إيلون ماسك… وزير الكفاءات الذي حول البيانات إلى سلاح للإصلاح ومحاربة التراخي
منذ أن تولى إيلون ماسك منصبا وزاريا للكفاءات بحكومة ترامب، بدأ في تحويل المؤسسات الحكومية إلى منظومات ذكية تعتمد على تحليل البيانات باستحداث مناهج جديدة في تقييم مؤشرات النجاعة وربطها بأداء العنصر البشري والدعم المالي، خلال مدة قصيرة كشف ماسك عن ثغرات إدارية وتجاوزات مالية كانت تدار في الخفاء، ما دفع الرئيس الامريكي دونالد ترامب إلى إلغائها بشكل فوري لانتهاكها القوانين التنظيمية والفيديرالية، لم تكن عصا ماسك السحرية سوى مزيج من التكنولوجيا المتطورة والشفافية وغيرها من مقومات التدبير الديمقراطي المعصرن، فلماذا لا تعتمد كل دول العالم على كفاءات شبابية تُدخل الأدوات الرقمية الذكية إلى قلب الحكامة الحكومية…
المملكة المغربية… حاضنة ومنصة إقليمية وقارية للرقمنة والريادة التكنولوجية
في هذا السياق، تبرز المملكة المغربية كدولة رائدة ومؤهلة لتبني هذا الورش الاستراتيجي والنموذج الإصلاحي، بل وتصديره قاريا ودوليا، فالمغرب، الذي حوَّل نفسه إلى وجهة إقليمية للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، يمتلك بنية تحتية تكنولوجية وبشرية فريدة، مشاريع مثل “مدينة محمد السادس للذكاء الاصطناعي” في الرباط، والاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2025، علاوة على مؤتمر جيتكس العالمي الذي يعد منصة للشركات المتطورة في مجالات ترتبط بمهن المستقبل، تثبت أن البلاد تعي أن التكنولوجيا ليست أداة للتنمية فحسب، بل أيضا سلاحا لمحاربة الفساد وإقرار مبادئ الشفافية… فلو افترضنا جدلا أن المملكة المغربية قررت تعيين بروفايل “إيلون ماسك مغربي” ملحقا بالديوان الملكي ، فسيتمكن بكل تأكيد من تحليل البيانات الضخمة لرصد التدفقات المالية المشبوهة بين المؤسسات الحيوية والجهات الخارجية، سيساعد على التوظيف الامثل للذكاء الاصطناعي في مراقبة المشاريع الحكومية وتقييم أدائها بدقة، بدلا من الاعتماد على التقارير الورقية، سيعزز الأمن السيبراني لحماية الخزينة العامة استباقيا من التهديدات السيبرانية، واسترداد الأموال المهربة عبر تحليل الأنماط الرقمية… وقد ينضاف لمهامه إشراك الكفاءات الشابة في تصميم منصات رقمية تُحول الإدارة المغربية إلى نموذجٍ يُحتذى به إفريقيا وعربيا مادام صناع القرار المحليون والترابيون لا يمتلكون الإرادة الكافية للقيام بذلك.
هل يحتاج قادة العالم إلى “ماسك” أم إلى رؤية استباقية؟
الدرس الذي يقدمه إيلون ماسك ليس مجرد تشبيه لشخصية خارقة، بل دعوة لإعادة تعريف معايير القيادة في القرن الحادي والعشرين، فالمملكة المغربية، برؤية ملكية حكيمة وسديدة وقيادة رشيدة، تثبت أن الجمع بين السياسات الإصلاحية والتكنولوجيا هو السبيل الاوحد لتحقيق القفزة النوعية، فبدلا من انتظار “عصا سحرية”، قامت المملكة ببناء أقطاب تعليمية جامعية لتكوين واستقطاب الخبرات في التكنولوجيا، وأنشأت هيئات متخصصة مثل “وكالة التنمية الرقمية” و”المديرية العامة للتحول الرقمي” لضمان إرساء مقومات الحكامة الجيدة والتدبير المعقلن.
إن السؤال الحقيقي ليس إن كان رؤساء الدول بحاجة إلى نموذج إيلون ماسك، بل هل يمتلكون الإرادة لتبني أدواته مثل الحكامة المبنية على البيانات، والكفاءات الشابة، والتكنولوجيا التي تحوّل التحديات إلى فرص. المغرب، بريادته في مجالي الرقمنة والذكاء الاصطناعي، يؤكد أن الإصلاح ممكن عندما تصبح التكنولوجيا لغة الحكم والحكامة، وعندما تُحوّل “العصا السحرية” إلى استراتيجية واضحة… فهل ستكون المملكة المغربية من أوائل الدول على الصعيد القاري، من تكتب هذا الفصل الجديد؟