في قرارٍ اعتُبر علامة فارقة، أصدرت محكمةُ التحكيم الرياضية (TAS) حُكماً يُبرئ نادي نهضة بركان المغربي من عقوباتٍ طالبت بفرضها اتحادات رياضية إفريقية، مُتعلقةً بنزاعٍ حول رمزيةٍ وطنيةٍ في قميص فريق نادي نهضة بركان، لكن القراءة السطحية للقرار قد توحي للبعض بأنه مجرد دعمٍ لناديٍ رياضي وطني، بينما الحقيقة الأعمق تكمن في كونه دفاعا صارخا وصريحا عن السيادة الوطنية للمملكة المغربية، ورفضا لأي اختراق لرمزيةٍ تُجسد وحدة ترابها.
اولا : السياق… نزاع الرياضة والسياسة
1. خلفية الأزمة:
– تعرض نادي نهضة بركان لانتقادات من بعض التنظيمات الرياضية الإفريقية لكرة القدم بسبب تضمين قميصه الرياضي خريطةَ المملكة المغربية كاملةً، بما فيها الصحراء المغربية.
– اتهام نادي نهضة بركان بـتسييس الرياضة، بينما رأت المملكة المغربية في ذلك محاولةً لفرض روايةٍ مناقضةٍ لسيادتها التاريخية والقانونية على أراضيها.
2. القرار القضائي:
– رفضت محكمةُ التحكيم الرياضية هذه الاتهامات، مؤكدةً شرعيةَ القميص كتعبيرٍ عن الهوية الوطنية، وليس كأداةٍ سياسية.
لم يكن النزاع محصوراً في قميص رياضي، بل تحول إلى معركةٍ حول شرعية الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، فالاتهامات الموجهة لنادي نهضة بركان تعكس محاولاتٍ لاستغلال المنابر الرياضية لإضعاف الموقف المغربي في قضية الصحراء المغربية.
وقد استند قرار المحكمة إلى مبادئ القانون الدولي التي تحمي حق الدول في التعبير عن سيادتها عبر رموزها الرسمية، بما فيها الخرائط، وهنا، تحول القميص من رمزٍ رياضي إلى وثيقةٍ قانونيةٍ تُذكّر بموقف المملكة المغربية الثابت، ليس هذا القرار الأول الذي يُحاكم فيه المغرب قضائياً لقضايا سيادية، فمن النزاعات الدبلوماسية في الاتحاد الإفريقي إلى معارك الاستثمار في الصحراء المغربية، ومن خلال ذلك يُظهر المغرب كفاءة عالية والتزاماً بتوظيف كل الأدوات بما فيها قطاع الرياضة لحماية وتحصين مكتسبات وحدته الترابية.
ثانيا : ردود الفعل… بين التأييد والانتقاد
احتفل فريق نادي نهضة بركان بالقرار واعتبره مناصروه انتصارا للسيادة الوطنية في وجه “التلاعب” السياسي بالرياضة… أما الخصوم فقد حاولوا في البداية تصوير القرار كتحيزٍ للمملكة المغربية خصوصا مع الحجج القانونية والمحايدة التي قدمتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ومع ذلك فقد صادرت المحكمة ضمن قرارها الأخير حق نادي نهضة بركان في اعتماد القميص الرسمي الذي يحمل خريطة المملكة المغربية كاملة، ومع ذلك يبقى قرار محكمة التحكيم الرياضية مجرد فصلٍ في نزاعٍ رياضي، كما هو الشأن بالنسبة لنادي نهضة بركان الذي أعلن في محطتين سابقيتين بأن السيادة الوطنية خطٌ أحمر لا يُمس، حتى في عالم الملاعب، إنه تذكيرٌ بأن قضايا الوحدة الترابية لا تُفاوَض، وأن المملكة المغربية من خلال قضائها ودبلوماسيتها ستظل تدافع عن كل ذرةٍ من ترابها، سواءً في المحافل السياسية أو فوق العشب الأخضر…