أسئلة محرجة تطفو على سطح الأزمة الأمنية بالساحل
في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية بمنطقة الساحل الإفريقي، واستمرار عمليات تفكيك خلايا ارهابية مرتبطة بتنظيم داعش بتراب المملكة المغربية، تماشيا مع كل ذلك، تطفو أسئلة مُلحّة حول الدور الجزائري المشبوه في تغذية عدم الاستقرار الإقليمي. فهل تُموّل دولة العالم الآخر، عبر أذرعها الأمنية والسياسية، التنظيمات الإرهابية الناشطة بالساحل والصحراء؟ وهل تحولت أسلحة الكيان المذكور إلى وقود لعمليات البوليساريو وبعدها داعش ضد المملكة المغربية؟ جريدة المغربي الرقمية تضع بين ايديكم تحليلا يستند إلى قراءة للمعطيات المتاحة في الموضوع…
1- سلاح في قبضة الإرهاب بأرقام تسلسلية محذوفة… علامات استفهام حول دور الجزائر في الملف
تشير عدة قراءات وتأويلات لتصريحات أمنية إلى أن الأسلحة التي عُثر عليها مؤخراً خلال عمليات تفكيك خلايا إرهابية (تابعة لـداعش الساحل) من طرف عناصر البسيج بتنسيق مع ديستي، قد تحمل بين طياتها بصمات لدولة لطالما كانت معروفة بتأجيج الصراعات والازمات. فوفقا لمجموعة من التدوينات والمنشورات الافتراضية المتداولة، يتضح بأن بنادق كلاشينكوف والمتفجرات الخفيفة التي صُودرت كانت مُزوّدة بأرقام تسلسلية مُشوّهة أو مُحذوفة، وهو أسلوب كلاسيكي متهالك تستخدمه اجهزة المخابرات لتضليل التحقيقات عند تهريب الأسلحة إلى جماعات مُعادية، كما حدث سابقاً مع عناصر “البوليساريو”… فيما ذهبت بعض التحليلات للقول بأن الجزائر تمتلك ترسانة أسلحة وقدرات لوجستية لتهريبها إلى الساحل عبر شبكات مُتخفية بغطاء تجاري، خاصةً في ظل تقارير عن تعاون جزائري مع جماعات إرهابية مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تُشارك داعش في الهجمات…
2- الدوائر المظلمة.. لماذا تُسلّح الجزائر جماعة البوليساريو الإرهابية؟
التحليل الجيوسياسي يكشف أن الدوافع الجزائرية لتمويل العصابات والتنظيمات المعادية مرتبطة بـفشلها الذريع في زعزعة استقرار المملكة المغربية عبر آليات تقليدية، مثل دعم عصابة البوليساريو” عسكرياً حيث فشلت الجزائر في تحويل النزاع الصحراوي إلى ورقة ضغط دولية بعد الاعتراف الأمريكي والأوروبي المتصاعد بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، ملف الريف “الوهمي” من خلال محاولات الجزائر استغلال احتجاجات الريف المغربي سنة 2016 لخلق انقسام داخلي باءت بالفشل بفضل الحكمة الأمنية المغربية، ينضاف التنافس الجيوسياسي للدوافع حيث فشلت الجزائر في منافسة المغرب كقائد إقليمي في الساحل والأطلسي، خاصةً مع انضمام المملكة إلى الاتحاد الإفريقي وتبنيها “دينامية الساحل” كبديل استراتيجي عن السياسات الجزائرية العقيمة… هذه الإخفاقات قد تشكل دافعا لدى العسكر الجزائري، إلى تبني استراتيجية الفوضى التعويضية عبر إغراق منطقة الساحل بالتوترات والفتن لتحقيق هدفين:
– إلهاء المملكة المغربية بأزمات حدودية.
– تحويل أنظار العالم عن الأزمة الداخلية الجزائرية (اقتصاد منهار، احتجاجات متكررة، عزلة دولية..).
3- شبكات التمويل… كيف تُحوّل الجزائر الساحل إلى “ساحة انتقام”؟
رصدت مجموعة من التقارير الاستخباراتية الدولية تحركات مشبوهة لمسؤولين جزائريين في دول الساحل، مثل مالي والنيجر، تحت غطاء “مبادرات دبلوماسية”، بينما تُؤكد قراءات ميدانية إلى ان الامر يتعلق بعمليات تمويل غير مباشر لتنظيمات عدائية مشبوهة عبر وسطاء في قطاع التهريب (مثل شبكات الذهب والمخدرات)… علاوة على استخدام البنوك الجزائرية الوهمية في دول الساحل لتحويل أموال إلى عناصر مشبوهة ومشكوك في امرها، وقد يشمل الامر بروز تعاون مُثبت بين المخابرات الجزائريّة وقادة في تنظيمات سلفية مُتطرفة لاستهداف المصالح المغربية.
4- المملكة المغربية أمام اختبار دولي…
المغرب، التراب الذي حوّل نفسه إلى “حصن منيع” ضد التهديدات الإرهابية عبر استراتيجية أمنية استباقية، مطالب اليوم بتقديم أدلة قاطعة عن تمويل الدول التي تعاديه للإرهاب إلى مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي، مطالب بتشكيل تحالف دولي للضغط على الجزائر لوقف دعمها المزدوج (للإرهاب وللبوليساريو)، مطالب بفضح التناقض الجزائري بين خطاب “مكافحة الإرهاب” وممارسات دعمه سراً… ويبقى السؤال الجوهري هو هل ستظل الجزائر تُلاعب بورقة الإرهاب كسلاح استراتيجي رخيص بدل الجرأة على مواجهة الأمر الواقع ؟