أعلن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، اليوم الاثنين بمدينة سلا، عن تفكيك خلية إرهابية على ارتباط بتنظيم “داعش”، وذلك بعد فترة وجيزة من تحييد خلية أخرى تُعرف بـ”الأشقاء الثلاثة”.
وأكد مدير المكتب، الشرقاوي حبوب، خلال ندوة صحفية، أن هذا التطور يكشف بوضوح ازدواجية التهديدات الإرهابية التي تواجهها المملكة، سواء من الخارج أو الداخل، إذ تسعى التنظيمات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل إلى استقطاب عناصر محلية لتنفيذ مخططاتها التوسعية داخل التراب الوطني.
التهديدات الخارجية والداخلية
أبرز السيد حبوب أن التنظيمات الإرهابية بمختلف أجنحتها لا تُخفي نواياها في استهداف المغرب، حيث تلجأ إلى منصاتها الدعائية للتحريض على تنفيذ عمليات إرهابية تحت ذرائع مختلفة. وقد تجلى هذا المعطى بشكل واضح في التصريحات والبيانات الصادرة عن هذه التنظيمات، بدءًا من الخطاب الإعلامي للأمير السابق لـ”القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” عبد المالك دروكدل سنة 2007، وصولًا إلى بيان “القيادة العامة للقاعدة” في نوفمبر 2023، فضلًا عن بيانات تنظيم “داعش” التي أشارت بشكل مباشر إلى المملكة.
وأوضح أن العناصر الأجنبية تواصل لعب دور محوري في التهديدات الإرهابية التي تواجهها البلاد، كما هو الحال في الخلية الإرهابية الأخيرة، التي يُشرف عليها عن بُعد قيادي في “ولاية الدولة الإسلامية بالساحل” يُدعى “عبد الرحمن الصحراوي”، وهو مسؤول في “لجنة العمليات الخارجية”.
استهداف المغرب: مخططات متكررة
استحضر السيد حبوب عدة وقائع تعكس إصرار التنظيمات الإرهابية على استهداف المغرب، مشيرًا إلى قضية مبعوث “داعش” إلى المملكة، وهو مواطن مغاربي تم إلقاء القبض عليه في يناير 2015 بمنطقة بني درار، قرب وجدة، وكان بحوزته كميات كبيرة من المواد الكيماوية المستخدمة في تصنيع المتفجرات، إضافة إلى أسلحة نارية وأجهزة اتصال لاسلكية.
كما لفت إلى أن العديد من العناصر المحلية، التي فشلت في الالتحاق بمعسكرات “داعش” في إفريقيا، لجأت إلى تنفيذ عمليات إرهابية داخل التراب المغربي، كما حدث مع أفراد الخلية التي تورطت في مقتل موظف شرطة قرب الدار البيضاء في مارس 2023، بعد أن تعذر عليهم السفر للانضمام إلى فرع التنظيم في الصومال.
القياديون المغاربة في التنظيمات الإرهابية
تطرقت الندوة الصحفية إلى ظاهرة انخراط مغاربة في صفوف الجماعات الإرهابية الناشطة بمنطقة الساحل، سواء التابعة لـ”القاعدة” أو “داعش”، حيث لعب بعضهم أدوارًا قيادية في هذه التنظيمات، مثل نور الدين اليوبي، وعلي مايشو، ومحمد لمخنتر، الذين لقوا حتفهم في عمليات أمنية مختلفة.
وأشار السيد حبوب إلى أن وجود هؤلاء القياديين المغاربة داخل هذه التنظيمات أسهم في تصاعد التهديدات الإرهابية ضد المملكة، خصوصًا مع استمرار محاولات نقل الأنشطة الإرهابية من منطقة الساحل إلى الداخل المغربي.
تدفق المقاتلين المغاربة نحو مناطق التوتر
بالرغم من المجهودات الأمنية المبذولة في تفكيك شبكات تسفير المقاتلين، كما حدث مع الخلية التي تم تفكيكها بين مدن الدار البيضاء وإنزكان وطنجة وبني ملال في يناير 2024، فإن أكثر من 130 مقاتلًا مغربيًا نجحوا في الانضمام إلى مختلف الفصائل التابعة لتنظيم “داعش” في مناطق الساحل وغرب إفريقيا والقرن الإفريقي.
وأشار إلى أن بعض هؤلاء المقاتلين تقلدوا مناصب حساسة داخل التنظيم، خاصة في اللجان المكلفة بالعمليات الخارجية، وهو ما يزيد من حجم التهديدات الإرهابية المرتبطة بهؤلاء الأفراد.
المغرب.. نموذج في محاربة الإرهاب
أكد السيد حبوب أن نجاح هذه العملية يعزز صورة المغرب كدولة ذات يقظة أمنية عالية، قادرة على حماية أمنها الداخلي والمساهمة في استقرار المنطقة. فالمملكة لا تواجه فقط تهديدات إرهابية مباشرة، بل تتعامل أيضًا مع مخاطر انتقال الإرهاب من بؤر التوتر في إفريقيا إلى داخل حدودها، وهو ما يستدعي استمرار التعاون الأمني مع الشركاء الإقليميين والدوليين لمواجهة هذه التحديات بفعالية.
يؤكد تفكيك الخلايا الإرهابية المتتالية أن المملكة المغربية لا تزال في صدارة الدول التي تواجه تحديات أمنية معقدة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة الأمنية، إلا أن استمرار محاولات التنظيمات الإرهابية لاختراق الأمن الوطني يشدد على أهمية مواصلة العمل الاستباقي وتعزيز اليقظة الأمنية لحماية الاستقرار الوطني ومواجهة خطر التطرف العنيف.