بينما تتجه الأنظار نحو مشاريع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا، تحقق الربط فعليا ولكن بطريقة غير متوقعة بعد أن أعلنت السلطات الإسبانية عن اكتشاف نفق سري يربط المغرب بسبتة (المحتلة)، يستخدم في تهريب المخدرات وليس في تسهيل العبور القانوني كما كان متوقعا.
وكانت قد أوضحت مصادر أمنية إسبانية أن النفق، المدعم بالخشب، يمتد لمسافة 50 مترا على الأقل، مع احتمال كونه أطول من ذلك بكثير، فيما لا تزال نهايته داخل الأراضي المغربية غير محددة.
وبحسب ذات المصادر، جاء هذا الاكتشاف خلال حملة ضخمة لمكافحة تهريب الحشيش، أسفرت عن اعتقال 14 شخصا، بينهم شرطيان، ومصادرة 6 أطنان من المخدرات.
كما كشف الحرس المدني الإسباني، أن النفق كان مخفيا داخل مستودع في المنطقة الصناعية لسبتة، وسط تساؤلات عن إمكانية استمرار شبكات التهريب في استخدامه، فيما لا تزال التحقيقات جارية لتحديد مدى نشاط هذا النفق وما إذا كان جزءا من شبكة أنفاق أكبر.
وفي سياق متصل، يذكر أن كلى البلدين، المملكة المغربية وإسبانيا تسعيان إلى تحقيق ربط قاري يسهل حركة التنقل والتجارة بينهما، وقد بدأ الحديث عن هذا المشروع الطموح منذ عقود، حيث تم إجراء العديد من الدراسات والبحوث لتقييم جدواه الفنية والاقتصادية.
ويعتبر مشروع الربط القاري عبر مضيق جبل طارق هو الأكثر أهمية، حيث يهدف إلى إنشاء جسر أو نفق يربط بين القارتين الإفريقية والأوروبية.
ويتطلب إنجاز مشروع الربط القاري تعاونا وثيقا بين المغرب وإسبانيا، بالإضافة إلى دعم من المجتمع الدولي، حيث سيساهم في تعزيز التبادل التجاري والسياحي بين البلدين، وخلق فرص عمل جديدة، وتقوية العلاقات الثقافية والاجتماعية.
وقد شهدت العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تهدف إلى تعزيز التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك مجال البنية التحتية والمشاريع الكبرى.
ولم تكن فكرة الربط القاري بين إسبانيا والمغرب فكرة مستحدثة، بل هي رؤية قديمة تبلورت على مدى 45 عامًا من النقاشات والخطط، دون أن تُترجم إلى مشروع ملموس.
وسبق أن أظهرت الدراسات التي أُجريت على مدار العقود الماضية أن مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا سيتطلب حفر نفق بطول 27.6 كيلومتر، معظمه تحت سطح البحر.
وسيمكن هذا النفق المسافرين من الانتقال بين مدينة بونتا بالوما الإسبانية ومنطقة مالاباطا في شمال المغرب خلال حوالي نصف ساعة، ويشمل المشروع إنشاء خطوط منفصلة لقطارات الشحن والركاب، بالإضافة إلى مسارات مخصصة للشاحنات والسيارات.
وقد قدرت الدراسات أن تكلفة المشروع ستبلغ حوالي 10 مليارات دولار أمريكي، أي ما يعادل ثلثي تكلفة نفق المانش الذي بلغت تكلفته 15 مليار دولار.