رغم الإصلاحات القانونية التي أقرتها وزارة المالية لضمان مزيد من الشفافية في تدبير الصفقات العمومية، تثير الطريقة التي تعتمدها جهة طنجة تطوان الحسيمة في تمرير سندات الطلب تساؤلات في الأوساط المتتبعة حول مدى احترام مبدأ تكافؤ الفرص وضمان المنافسة الحرة.

وحسب معطيات رصدتها مصادر مهنية، تعتمد الجهة المذكورة على إدراج عبارة موحدة في جميع طلبات العروض تقريبا، تلزم المتنافسين الذين يتلقون تأكيدا على عروضهم بتقديم عينات من المواد المطلوبة داخل أجل لا يتجاوز 24 ساعة من تاريخ التأكيد، تحت طائلة الإقصاء التلقائي.

ويطرح هذا الشرط، رغم كونه يبدو من الناحية الظاهرية إجرائيا لضمان جودة العروض، عدة تساؤلات بشأن مدى ملاءمته مع مبادئ الشفافية والمنافسة، خاصة أنه لا يأخذ بعين الاعتبار الموقع الجغرافي للمتنافسين، أو تعقيد إعداد العينات ونقلها في بعض الحالات.

ويعتبر عدد من المتابعين أن تحديد مهلة 24 ساعة فقط قد يشكل صعوبة حقيقية أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصا القادمة من خارج مدينة طنجة أو الأقاليم المجاورة، ما قد يؤدي إلى تقليص عدد المتنافسين الفعليين بشكل غير مباشر.

ويتساءل بعض الفاعلين الاقتصاديين عن أسباب الإصرار على تحديد هذه المهلة القصيرة دون توضيح مبررات تنظيمية أو قانونية لذلك، خاصة أن المرسوم رقم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية لا ينص على مثل هذا الإجراء، بل يؤكد على ضرورة ضمان شروط تنافسية شفافة ومتساوية بين جميع المشاركين.

وفي مقابل ذلك، يرجح بعض المهنيين أن يسهم هذا الشرط في استفادة شركات معينة قد تكون أكثر جاهزية أو أكثر اطلاعا على تفاصيل الصفقات بشكل مسبق، ما يطرح مخاوف من التأثير على مبدأ المساواة بين المتنافسين.

وتنص القوانين الجاري بها العمل على وجوب احترام المساطر التنافسية، مع نشر النتائج بشكل واضح ومفصل، وتقديم مبررات لكل إجراء استثنائي يتم اتخاذه في مسطرة إبرام سندات الطلب.

وفي ظل هذه التساؤلات، يرى متابعون أن فتح افتحاص إداري وقانوني بخصوص سندات الطلب الصادرة عن جهة طنجة تطوان الحسيمة خلال السنوات الأخيرة قد يكون خطوة ضرورية لتعزيز الشفافية، والتأكد من مدى احترام المساطر القانونية والتنظيمية ذات الصلة.

وتبقى الصفقات العمومية، وخاصة سندات الطلب باعتبارها آلية استثنائية لتلبية الحاجات المستعجلة أو ذات القيمة المحدودة، مجالًا حساسًا يستدعي الحرص على ضمان المنافسة النزيهة وتكافؤ الفرص بين جميع الفاعلين الاقتصاديين.سندات الطلب بجهة طنجة تطوان الحسيمة.. جدل حول الشفافية وتكافؤ الفرص

شاركها.
اترك تعليقاً