يُعتبر السيد منير القادري بودشيش من الشخصيات الروحية البارزة في العالم الإسلامي المعاصر، وهو الوريث الشرعي للسر الروحي لسيدي جمال القادري بودشيش، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية . فقد تربّى في أحضان الزاوية، وتشرّب منذ نعومة أظافره المعاني الصوفية العميقة، والتزم بخدمة الطريقة وأتباعها، حاملاً رسالة التصوف المعتدل والمنفتح، المبني على المحبة والسلام والقيم الإنسانية.
1- الوارث الروحي لسيدي جمال القادري بودشيش
لم يكن اختيار السيد منير القادري بودشيش لخلافة والده الروحي وليد الصدفة، بل جاء تتويجًا لمسار طويل من التربية الروحية والعلمية والعملية. وقد أكد سيدي جمال القادري بودشيش بشكل رسمي وواضح أن السيد منير هو وارث السرّ الروحي للطريقة القادرية البودشيشية، وذلك في مناسبة روحانية عظيمة، وهي الليلة التي أُقيمت بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة سيدي حمزة القادري بودشيش بمدينة مداغ. وقد كان هذا الإعلان بمثابة تأكيد على الاستمرارية الروحية، وبيعة متجددة من المريدين على مواصلة السير في درب التربية الروحية.
2- نشر القيم الروحية في المغرب وفرنسا
قام السيد منير بعدة مبادرات ميدانية وروحية تهدف إلى نشر ثقافة السلم والتسامح، وتكريس القيم الإنسانية العالمية، سواء داخل المغرب أو خارجه، خصوصًا في فرنسا، حيث تتواجد جالية مغربية كبيرة، بالمملكة المغربية الشريفة، أشرف على تنظيم مجموعة من الملتقيات العالمية للتصوف بمداغ، والتي استقطبت سنويًا آلاف المشاركين من مختلف أنحاء العالم، كما عمل على تعزيز حضور الطريقة في الخطاب الديني الوطني، بتنسيق مع المؤسسات الرسمية، وبأسلوب يوازن بين الروحانية والانفتاح على الآخر.
أما في فرنسا، فقد قام بعدة زيارات ومداخلات فكرية وأكاديمية، ركز خلالها على ضرورة ترسيخ قيم العيش المشترك، والتصدي للتطرف الفكري عبر تقديم التصوف كبديل روحي وثقافي قائم على الحب، السكينة، والتسامح. كما دعم تأسيس مراكز ثقافية وروحية تابعة للطريقة القادرية البودشيشية، تسعى إلى تعزيز الاندماج الإيجابي في المجتمع الفرنسي، دون التخلي عن الهوية الروحية الإسلامية.
3- رسالة كونية
سيدي منير لا يرى التصوف مجرد تجربة شخصية، بل رسالة كونية موجهة إلى كل إنسان، بغض النظر عن دينه أو ثقافته، تدعو إلى تهذيب النفس، وإصلاح القلب، والتفاعل مع العالم بحكمة ورحمة. ولعل أبرز ما يميّز خطابه هو عمقه الروحي وسعة أفقه الحضاري، حيث يسعى إلى بناء جسور بين الشرق والغرب، بين الروح والمادة، بين الفرد والمجتمع.
وفي ظل ما يشهده العالم من أزمات روحية وإنسانية، تظل الطريقة القادرية البودشيشية بقيادة سيدي جمال منارةً للأمل، ودعوة للعودة إلى الإنسان فينا.
الكاتب : أ.ب