في الوقت الذي ما تزال فيه شركة Oracle تحاول التخفيف من وطأة اختراق واسع طال بنيتها السحابية، تتأكد يوماً بعد يوم خطورة اعتماد مؤسسات حيوية مغربية على خدمات هذه الشركة، في مقدمتها ميناء طنجة المتوسط، الذي يُعد الشريان البحري الأول في إفريقيا والمتوسّط.
اعتماد علني على أنظمة Oracle
وثائق رسمية منشورة على الموقع الرسمي للميناء تُثبت أن نظام Oracle Transportation Management (OTM) دخل حيّز الاستعمال منذ أكتوبر 2021 لتدبير عمليات الجرّ داخل الميناء، في حين أعلنت إدارة الميناء في دجنبر 2024 عن إطلاق نظام Oracle Procurement Contracts لتسيير كامل دورة حياة العقود ابتداءً من يناير 2025.
وبما أن هذه الأنظمة تندرج ضمن منصة Oracle E-Business Suite، فإنها تدخل ضمن النطاق التقني الذي طالته اختراقات مؤكدة شملت مفاتيح تشفير، بيانات مصادقة موحدة، ووثائق حساسة.
الميناء في مرمى الخطر السيبراني
رغم عدم صدور بلاغ رسمي من إدارة الميناء أو الشركة الأمنية التابعة له، CIRES Technologies، إلا أن ورود اسم Oracle ضمن المؤسسات المُخترقة يضع الميناء أمام سيناريوهات معقّدة، أبرزها:
– احتمال تسلل غير مباشر إلى البيانات الحساسة للميناء عبر اختراق بيئة Oracle.
– خطر التحكم عن بعد في عمليات العقود أو الجرّ المينائي إن لم يتم تجميد الأنظمة مؤقتاً وإجراء مراجعة شاملة.
– تهديد لاستمرارية الخدمات الرقمية داخل الميناء.
سؤال السيادة الرقمية يفرض نفسه
في ظل هذه المعطيات، بات من الضروري طرح السؤال التالي: هل يعقل أن تظل مؤسسة وطنية بهذا الحجم معتمدة على أنظمة خارجية مخترَقة دون خطة بديلة واضحة؟
ثم لماذا يتم ضخ ملايين الدراهم في تمويل إذاعة طنجة المتوسط، التي باتت واجهة بروتوكولية أكثر من كونها أداة تواصل فعّالة، بينما تُترك المنظومة السيبرانية في وضع هش، وسط عالم باتت فيه حروب الموانئ تُخاض عبر الشيفرات لا البوارج ؟
دعوة إلى المساءلة والتصحيح
على إدارة الميناء، وشركتها الأمنية، أن تخرج من دائرة الصمت وتوضح للرأي العام:
– هل تم تقييم المخاطر الرقمية المرتبطة باستخدام Oracle؟
– هل أُجريت اختبارات اختراق داخلية بعد تسريبات مارس وأبريل 2025؟
– وهل توجد خطط انتقال نحو أنظمة وطنية أو مفتوحة المصدر أكثر أماناً واستقلالية؟
الوقت لا يسمح بالمجاملة
في معركة البيانات، لا تعني الوطنية شيئاً إن كانت المفاتيح بيد الغير.
المطلوب اليوم ليس فقط توضيحاً تقنياً، بل موقفاً سيادياً واضحاً يحمي أهم منشأة اقتصادية في المغرب من سيناريو اختراق كارثي.