يشهد قطاع العدل حالة من الاحتقان المتزايد في صفوف موظفيه، حيث عبرت النقابة الوطنية للعدل عن استيائها العميق إزاء ما وصفته بـ “العبث” في تدبير الموارد البشرية. وتصدرت نتائج الحركة الانتقالية الأخيرة قائمة المظاهر التي أثارت غضب العاملين، وذلك بسبب ما اعتبرته النقابة عشوائية في التنفيذ وتأخيرًا أثر سلبًا على استقرارهم النفسي والإداري.
ولم تسلم نتائج مقابلات الانتقاء لشغل مناصب المسؤولية من انتقادات النقابة اللاذعة، حيث اتهمت الوزارة بـ “إقصاء الكفاءات” وتغليب منطق “الولاءات والمحسوبية”. وطالبت النقابة وزير العدل بالتدخل العاجل للتحقق من المسار المهني للمرشحين واستبعاد أي شخص تحوم حوله شبهات فساد.
كما حملت النقابة الوزارة مسؤولية “تعثر الحوار القطاعي وتجميد الملفات المطلبية”، وعلى رأسها ملف مهندسي العدل الذي لا يزال معلقًا رغم الوعود السابقة. وجددت مطالبتها بتنظيم امتحانات الكفاءة المهنية قبل نهاية شهر أبريل، مؤكدة عدم وجود أي عائق قانوني يمنع ذلك، ورفضت ما وصفته بـ “محاولات إفراغ التعديلات المرتقبة في النظام الأساسي من محتواها الحقيقي”.
وفي سياق المطالب المستعجلة، دعت النقابة إلى “إصلاح شامل للأوضاع الإدارية والمهنية لموظفي كتابة الضبط”، مقترحة إحداث درجة جديدة لكل إطار، ورفع نسبة الترقية بالاختيار إلى 40 في المئة، وتقليص سنوات الأقدمية المطلوبة لاجتياز الامتحانات المهنية إلى أربع سنوات بدل ست، معتبرة أن هذه الإجراءات ستساهم في “رد الاعتبار لمكانة الشغيلة العدلية”.
من جانب آخر، حذرت النقابة من استمرار ما أسمته “حملات التضييق” التي تستهدف مناضليها في عدد من محاكم المملكة، مشيرة إلى محاكم مراكش، ووزان، واليوسفية، ومكناس، وصفرو كأمثلة. وطالبت وزارة العدل باتخاذ إجراءات فورية لضمان حرية العمل النقابي وتعميم دورية تلزم المصالح المركزية واللاممركزة باحترام مقتضيات الفصل 14 من قانون الوظيفة العمومية.
كما عبرت النقابة عن قلقها بشأن طريقة تدبير المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية، خاصة بعد تغيير شركة التأمين المتعاقد معها “دون إشعار أو توضيح”. وطالبت بالكشف عن تفاصيل الاتفاق الجديد وتمكينها من نسخة منه، داعية إلى تعديل القانون المؤسس للمؤسسة بما يضمن “دمقرطتها” وإنهاء ما اعتبرته حالة “تنافٍ تمثيلي” داخلها.
وجاءت هذه المواقف التصعيدية عقب اجتماع للمكتب الوطني للنقابة الوطنية للعدل، الذي انعقد يوم السبت 5 أبريل الجاري بمدينة فاس. و
قد خلص الاجتماع إلى دعوة جميع الموظفين إلى “الاستعداد لخوض أشكال احتجاجية جديدة”، تبدأ بالمشاركة المكثفة في مسيرات فاتح ماي، وتتواصل بعقد دورة المجلس الوطني للنقابة يوم 24 ماي المقبل بمراكش، وذلك في أفق “تصعيد مفتوح” إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مما ينذر بمزيد من التوتر والاضطرابات في قطاع العدل خلال الفترة القادمة.