أصدر المكتب الموحد المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل بمدينة طنجة بياناً شديد اللهجة يستهدف مديرة مركز الأنكولوجيا التابع للمستشفى الجامعي، وحملها اتهامات خطيرة، وزاعما ممارستها “التعسف” وتجاوزها “الصلاحيات”.
فمن الواضح أن الاتحاد المغربي للشغل اختار التموقع في صف بعض اللوبيات المستفيدة من حالة التسيب، بدل الدفاع عن مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة، لأنه لا يعقل أن يُدان مسؤول إداري فقط لأنه قام بواجبه في تصحيح الأوضاع؟ فهل أصبح احترام القوانين ومساءلة المتقاعسين عن أداء واجبهم جريمة في نظر النقابة؟
ويروج البيان المذكور، لفكرة أن المديرة تلجأ إلى “الاستفسارات والعقوبات التعسفية”، متناسيًا أن أي إدارة مسؤولة من حقها بل من واجبها اتخاذ إجراءات تأديبية وفقًا للمساطر القانونية المعمول بها، لضمان سير المرفق العمومي في أفضل الظروف. فهل يُراد من المديرة أن تغض الطرف عن الاختلالات حفاظًا على “السلم النقابي”؟ أم أن محاربة التسيب أصبحت خطًا أحمر لا يجوز تجاوزه؟
أما الحديث عن “تجاوز السلاسل الإدارية”، فهو محاولة يائسة لليّ عنق الحقيقة، لأن أي مسؤول إداري له الحق بل وعليه واجب مراقبة المرافق التي يشرف عليها بشكل مباشر، خصوصًا عندما يكون الأمر متعلقًا بمؤسسة تقدم خدمات حيوية لمرضى السرطان، فهل المطلوب من المديرة أن تبقى حبيسة مكتبها، بينما الفوضى تعم المركز؟
والأكتر خطورة في هذا البيان أنه يتحدث عن “استغلال المرفق العمومي لأغراض تجارية”، في إشارة إلى بيع مواد التجميل والملابس داخل المركز، وهي محاولة بائسة لتشتيت الانتباه عن جوهر الموضوع. إن كان هناك استغلال فعلي كما يدعي البيان، فلماذا لم يتحرك الاتحاد المغربي للشغل سابقًا لإدانة هذه الممارسات؟ ولماذا لم يطالب بفتح تحقيق فيها بدل محاولة إقحام المديرة في هذا الملف؟
وما يحدث اليوم هو نموذج صارخ لمقاومة التغيير، حيث كل مسؤول يحاول فرض قواعد الحكامة والانضباط يجد نفسه مستهدفًا بحملات تشويه ممنهجة، فالبيان الصادر عن الاتحاد المغربي للشغل لا يعبر عن انشغال حقيقي بمصلحة الأطر الصحية أو جودة الخدمات، بل هو مجرد وسيلة ضغط لتكريس واقع الفوضى والإفلات من المحاسبة.
ومن واجب الجهات الوصية أن تتحرك لحماية المسؤولين الأكفاء من هذه الحملات المغرضة، لأن السكوت عن هذه الممارسات يعني تكريس ثقافة الفوضى والتسيب داخل المؤسسات الصحية، وهو أمر لا يخدم لا المرضى ولا المصلحة العامة.