حسب بلاغ للديوان الملكي، ان صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وجه رسالة إلى رئيس الحكومة السيد عزيز اخنوش، تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة وذلك يوم الثلاثاء 26 شتنبر 2023،
ووفق المصدر نفسه، تأتي هذه الرسالة الملكية تفعيلا للقرار السامي الذي أعلن عنه عاهل البلاد، في خطاب العرش لسنة 2022، وتجسيدا للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها جلالته، للنهوض بقضايا المرأة وللأسرة، بشكل عام.
وتضمنت الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بشأن تعديل مدونة الأسرة الإطار العام للتعديلات المرتقبة؛ ومن أبرزها ضرورة إصلاح الثغرات القانونية والإشكالات التي يطرحها هذا النص القانوني في ردهات المحاكم.
ولطالما نادى المهنيون والمحامون بضرورة تعديل هذه الثغرات، مؤكدين أنها باتت عديدة وظهرت بشكل واضح بعد أزيد من 20 سنة من الممارسة.
وقد قالت السيدة رشيدة أيت حمي، باعتبارها محامية بهيئة الرباط، إن مجموعة من الإشكالات العملية طرحها تطبيق مدونة الأسرة الحالية، وتحدثت عن “وجود ثغرات في النصوص أدت إلى وجود اختلالات في التطبيق”.
وأوضحت المحامية، أن أبرز هذه الاختلالات هي تلك الواردة في الكتاب الثاني، المتعلقة بانحلال ميثاق الزوجية وأثره؛ من ضمنها ما يتعلق بنفقة الأبناء.
وشددت المحامية على وجود “اختلالات كبيرة في التطبيق؛ أولها مرتبط بتقدير قيمة النفقة، إذ نجد أن هناك تفاوتا كبيرا في القضايا وفي المحكمة نفسها، ما بين المدن وبين قاض وآخر وقضية وأخرى”.
وطالبت المحامية رشيدة أيت حمي بضرورة أن “تكون هناك أسس ومعايير محددة تسهل على القاضي تحديد قيمة النفقة، ولا تظل السلطة التقديرية واسعة بشكل كبير”، مستدلة: “مثلا، في ما يخص تعليم الأبناء، فعدد من الحالات كان فيها الأبناء يدرسون في مدارس خاصة ولهم رفاهية خاصة، سواء في السكن أو غيره. وحين وقوع الطلاق ينقلب الأمر ويتم تنقيلهم إلى التعليم العمومي؛ وهو ما يخلق مشكلة وصدمة، لعدم مراعاة المصلحة الفضلى للطفل. وبالتالي، لا بد من بحث ميداني في موضوع النفقة وعدم الإسراع، حفاظا على مصلحة الأطفال وإكراما لهم”.
ومن بين الإشكالات التي ذكرتها أيت حمي ما هو مرتبط بموضوع صلة الرحم، قائلة: “هناك مجموعة من الممارسات ظالمة للمرأة؛ وبالتالي لا بد من تقييد أسباب إسقاط الحضانة عن الأم وعدم منعها من زيارة أطفالها”، مواصلة: “عند أي إشكال ولو لم يكن يتعلق بقدرة الأم وسلامتها للتربية، يتم إسقاط الحضانة. وفي هذه الحالة، لا يتم تحديد موعد لزيارة المحضون”، مشددة على أنه “يجب أن تكون هناك أسباب جدية لإسقاط الحضانة وعدم الدخول في خصوصياتها”.
وانتقدت المحامية أيضا “ما يسمى بمسطرة الصلح التي يلجأ إليها حينما يفتح ملف الطلاق أو التطليق”، معلقة: “القاضي أول ما يقوم به هو مسطرة الصلح، وهي مسطرة زادت عبئا على المحكمة ولا تحقق المبتغى منها؛ وبالتالي لا بد من مؤسسة للصلح قائمة بذاتها بمقر غير مقر المحكمة”.
وتحدثت أيت حمي كذلك عن المادة 49 المتعلقة باقتسام الممتلكات، قائلة إنها “ولدت ميتة بدون حياة؛ لأنه يجب أن يتم بالتراضي أو تطبيق القواعد العامة للإثبات، وهي لا تصلح في الأمور بين الزوجين، فمجهود المرأة في بيتها لا يقدر”.
من جانبها، قالت سعاد بطل وهي محامية ايضا بهيئة الرباط، إن “الرسالة الملكية توجيهية وتقييمية في آن واحد، لم تأت من فراغ؛ بل من مطالب حثت على ضرورة إدخال مجموع من التعديلات على المدونة الحالية”.
وتحدثت بطل، بدورها، عن “ثغرات أثبتها الواقع العملي”، قائلة إن هناك “مجموعة من الثغرات في المساطر القانونية وإجراءات التبليغ، والتنفيذ ثبت أنها تحقق إشكالات كبيرة”.
ومن ضمن الإشكالات التي تحدثت عنها بطل “مشكل الولاية الذي يطرح تعقيدات كبيرة، إذ نعطي الحضانة بيد يمنى وننزع الولاية باليد اليسرى؛ وبالتالي المصلحة الفضلى للطفل تضيع”.
وشددت بطل على أن تربية الأطفال هي مسؤولية مشتركة، “وبالتالي على المشرع أن يتدخل لحماية جيل وكيان”.
وذكرت المحامية سعاد بطل موضوع تزويج القاصرات، “الذي يوصف بكونه معضلة خطيرة، وأنتج لنا أمهات عازبات؛ فهناك طفلات يتم تزويجهن بدون عقود الزواج، ويتخلى عنهن الزوج”.
ونبهت سعاد بطل إلى أن في النقاش الحالي حول المدونة هناك “مغالطات يتم تمريرها، في حين المطلوب هو قانون أسري يحمي الأسرة المغربية… نحن لسنا في حلبة صراع بل يجب أن تكون هناك مساواة بين المرأة والرجل من أجل جيل سليم”.
واعتبرت المحامية عينها أن أجل ستة أشهر كافية، “خاصة أنه سبق أن قدمنا مذكرات لإدخال تعديلات على هذه المدونة، وهناك عدد من الحقوق يضمنها دستور 2011، ناهيك عن أن التعديل يجب أن يكون في إطار ثوابت الأمة والدين الإسلامي وعادات وتقاليد المجتمع المغربي”.
تابعنا على غوغل نيوز لتكون في قلب الأحداث ولتكسب جوائز قيمة