أظهرت معركة النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم حقيقة قاسية مفادها أن النقابات تحولت إلى محارات فارغة، بل يمكن القول إنها أصبحت تنتحل صفة التمثيل للتفاوض مع الوزارة بينما معظم الأصناف المهنية تعبر عن مواقفها خارج القوقعة النقابية، مضيفة الى ان النقابات لاتريد من يحاسبها عن أوجه صرف مالها العمومي ولا تقبل أن يتدخل القانون ليتحكم في الآليات الديمقراطية التي تسمح بتداول المسؤولين النقابيين ولا تتحمل أن ينص القانون على شروط قيادة النقابة لأن في ذلك طردا لعدد من الكائنات النقابية التي عمرت طويلا على رأس النقابات بل منها من يقود النقابة وهو في عداد المتقاعدين.
إن هذا التجريف النقابي ليس وليد اللحظة وليس بفعل خصوم طبيعيين بل هو تراكم تاريخي وتواطؤ داخلي حوّل النقابات من تجمعات مهنية للدفاع عن المصالح الاجتماعية والمادية لمنتسبيها، إلى سلاح للريع والاسترزاق والزبونية والمحسوبية وتحقيق المصالح اللامشروعة وسباق من أجل الاستفادة من التفرغ النقابي.
وكما هو معروف منذ القدم فالنقابات العمالية دائما ماكانت تلعب دورا مهما ومحوريا في الدفاع عن حقوق العمال والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وحتى السياسية منها، إلا أنها مؤخرا تحولت إلى خدعة كبيرة في المشهد الاجتماعي مستفيدة من وضعها الاعتباري والدستوري الذي يجعلها المخاطب الوحيد أمام السلطات العمومية.